AL-HIKMAH

Jilid 9 ISSN 1985-6822 2017M

No. 2 1439 H

• CABARAN BAGI GOLONGAN OKU PENGLIHATAN DALAM MELAKSANAKAN

IBADAH SOLAT…3-15

Nurul Asmak Liana Bakar

• HIDUP BERKELUARGA MELALUI DIDIKAN AMALAN Q-ROHANI (AFEKTIF): SATU PENDEKATAN FUZZY DELPHI…16-31

Zaharah Hussin, Ahmad Arifin Sapar, Saedah Siraj, Mohd Ridhuan Mohd Jamil, Abdul Muqsith

Ahmad, Nurulrabihah Mat Noh

• TAUBAT PENAGIH DAN PENERIMAAN KOMUNITI: KAJIAN KES DI BAITUL CAKNA

TERENGGANU …32-40

Ahmad Tarmizi Yusof, Mohd Safri Ali, Wan Hishamudin Wan Jusoh, Berhanundin Abdullah,

Abdul Wahab Ali

• KEPENTINGAN KEROHANIAN DALAM MENANGANI PESAKIT KANSER WANITA

MENURUT ISLAM …41-56

Nora Ahmad @ Aziz, A’dawiyah Ismail, Salasiah Hanim Hamjah

• CIRI-CIRI GPI PROFESIONAL BERASASKAN RIADHAH RUHIYYAH MENURUT

PANDANGAN AL-GHAZALI: ANALISIS KANDUNGAN BAB ADAB TERHADAP GURU DALAM KITAB IHYA ULUM AL-DIN …57-77

Habibah @ Artini Ramlie, Zaharah Hussin

• ISU-ISU DAKWAH DALAM TAFSIR AL-QUR’AN AL-KARIM …78-86

Nadzrah Ahmad, Sohirin M Solihin, Ahmad Nabil Amir

• TAZKIYAT AL-NAFS DALAM KERANGKA MAQASID AL-SHARI'AH …87-98

Abu Dardaa Mohamad, Salasiah Hanin Hamjah, Ahmad Irdha Mokhtar, Mohamad Zulkifli Abd

Ghani

• PEMELIHARAAN HARTA: ANALISIS MENURUT DIWAN IMAM SHAFI'I ...99-112

Khazri Osman, Ahmad Irdha Mokhtar, Mohamad Zulkifli Abdul Ghani, Najihah Abd. Wahid

• IDENTIFIKASI IDENTITI BISEKSUAL DAN HUBUNGANNYA DENGAN ASPEK

SOKONGAN SOSIAL DAN KESIHATAN MENTAL DALAM KALANGAN INDIVIDU BISEKSUAL DI MELAKA... 113-130

Suhaya Deraman, Salasiah Hanin Hamjah, Ahmad Irdha Mokhtar, Anis Nor Amelia Nor Asikin

& Izzah Nur Aida Zur Raffar

• PENERAPAN FIQH AWLAWIYYAT DALAM DAKWAH KEPADA SAUDARA BARU...

131-140 Mohamad Zulkifli Abdul Ghani, Khazri Osman, Ahmad Irdha Mokhtar, Anuar Puteh, Abdul

Ghafar Don

• TEORI KEPIMPINAN DARI PERSPEKTIF ISLAM DAN BARAT DALAM TERMA

KEPIMPINAN TRANSFORMASI... 141-153

Nor Anisah Abu Hanipah, Razaleigh Muhamat@Kawangit

• PERSEPSI KHATIB TERHADAP SENI RETORIK DALAM TEKS KHUTBAH JUMAAT

JAWI... 154-166

Mohd Azizon Noordin, Zulkefli Haji Aini

• PERLAKSANAAN HISBAH DI MALAYSIA PADA MASA KINI: PERKEMBANGAN DAN

HALANGAN... 167-185 Muhammad Syahir Abu Bakar, Wan Fariza Wan Alyati Wan Zakaria, Kamaruddin Salleh

204-186… اهلندي الكريانوي وكتابه إظهار احلق: النقد اإلسالمي للعهد القدمي واجلديدرمحت هللا •

عبد الكبري حسني صاحل

Al-Hikmah 9(2)2017: 186-204

النقد اإلسالمي للعهد القدمي واجلديد :وكتابه إظهار احلق الكريانوي رمحت هللا اهلندي

عبد الكبري حسني صاحل

لخصامل

انتشر ف القرن التاسع عشر امليالدي ف أرجاء الند محلة التبشري النصران، حني قام املنصرون مبواجهة املسلمني ف الند يت هذه المالت التبشريية إثر القضاء على الدولة املغولية اإلسالمية الدولة اليت دامت أكثر من والطعن ف عقيدهتم. أت

ثالثة قرون على يدالستعمار اإلجنليزي ف القرن التاسع عشر امليالدي. قام علماء أجالء ف الند لصد هذه الجمات، ل الرمحن الكريانوي العثمان، املشهور ب "رمحت هللا الندي"، فناظر وأكثرهم شهرة وأتثريا هو الشيخ حممد رمحت هللا بن خلي

جهابذة املنصرين جهارا وألف عدة كتب ف رد أابطيلهم. وكتابه "إظهار الق" يعترب خالصة كتبه كما يعد من أكرب ما . ابفندراليت جرت بينه وبني كربىلمناظرة الونتيجة ل كتابه "ميزان الق"ف ابفندر فقد ألفه ردا علي ألف ف هذا اجملال.

وقد توصل حتليلية لذا الكتاب بغية رصد ما فيه من عناصر جديدة وف املنهج من جدة. يقوم هذا البحث بتقدمي دراسةأن استفادة الشيخ رمحت هللا مبناهج النقد الباطن للكتاب املقدس ساعده ف حتقيق هدفه من أتليفه لكتاب إىل البحث ق.إظهار ال

رمحت هللا الكريانوي، الند، املناظرة، ابفندر، التبشريية. :املفتاحيةالكلمات

Christian missionary campaign thrived in the nineteenth century in many parts of

India. The missionaries confronted Indian Muslims on many fronts and challenged

their faith. This campaign was accelerated following the fall and dissolution of the

Islamic State of Mughal by the British colonial power in the nineteenth century.

Many Muslim scholars responded to the Christian missionary campaigns, but the

most prominent of all is Shaykh Raḥmat Allāh al-Kayrānawī. He engaged in public

debate with leading Christian evangelicals and authored several books in response

to their allegations. His book, Iẓhār al-Ḥaqq (Truth Revealed), which he primarily

Al-Hikmah 9(2) 2017 | 187

wrote in response to Karl Gottlieb Pfander’s Mīzān al-Ḥaqq (The Balance of Truth)

and as a report of the debate between him and Pfander, is one the best books written

on Islamic apologetics. This paper examines analytically al-Kayrānawī’s

methodology and style of debate with Christian apologetics as exemplified in his

book Iẓhār al-Ḥaqq. The paper reviewed the book’s major arguments and identifies

the novelty of its methodology and style of presentation. The paper found that al-

Kayrānawī’s awareness and adoption on many occasions of the methods and

conclusions of Biblical criticism helped him achieve his goal behind the publication

of his book Iẓhār al-Ḥaqq.

Keywords: Raḥmat Allāh al-Kayrānawī, India, public debate, Pfander,

Missionary.

املقدمة

م رسول للعاملني وخامتا للنبيني واملرسلني، وجعل أكرب معجزاته القرآن فقد بعث هللا حممدا صلى هللا عليه وسلالكرمي الذي ل أيتيه الباطل من بني يديه ول من خلفه، وجعل دين اإلسالم الذي أرسله به آخر الدين

رض الصحيحة، مصدقا ملا بني يديه من الدين السماوية ومهيمنا عليها. فانتشر هذا الدين ف مشارق ال ومغارهبا.

ومع ذلك فما من زمان منذ بعثة الرسول صلي هللا عليه وسلم إل ويوجد من يناضل هذا الدين ويسعى للقضاء عليه وجياهد إلطفاء نوره وينفق ف سبيل ذلك ما قل أو كثر. فمعظم هذه احملاولت واليل ابءت

جمات، وصدق هللا سبحانه ويقف ضد تلك ال ول تزال تبوء ابلفشل؛ ملا يبعث هللا ف كل قرن من ينصر دينهوالم ليصدوا عن سبيل الل فسينفقونا ث تكون علي هم إذ قال: وتعاىل رة ث ي غ لبون إن الذين كفروا ينفقون أم حس

يريدون ليط فؤوا نور الل بف واههم والل متم نوره ولو كره [ "، 36]النفال: والذين كفروا إىل جهنم ي شرون ق ليظ هره على الدين كله ولو كره دى ودين ال ركون ال كافرون. هو الذي أر سل رسوله ابل -8الصف: ال مش

9]. وهذا هو الذي حصل ف القرن التاسع عشر امليالدي حني انتشر املنصرون ف أرجاء الند، يضلون أبناء املسلمني ويطعنون ف عقيدهتم، فقام علماء أجالء ف الند لصد هذه الجمات ودحض أابطيلهم، وأكثر

ن الكريانوي العثمان. فناظر جهابذة املنصرين هؤلء العلماء شهرة وأتثريا هو الشيخ رمحت هللا بن خليل الرمح" يعترب خالصة كتبه كما يعرب من أكرب ما ألف ف إظهار احلقجهارا وألف عدة كتب ف رد أابطيلهم. وكتابه "

هذا اجملال. وقد اعتمد عليه كثري من علماء املسلمني الذين كتبوا عن مقارنة الدين. اعتمد عليه الشيخ حممد 6 ؛114: 5؛ 1990رضا ) مواضع عدة ف تفسري اآليت املتعلقة ابلتحريف ف التوراة واإلجنيلرشيد رضا ف

. ويكفي ملعرفة أمهية هذا (285-284: 10 ؛279، 253-252، 239، 199: 9 ؛402، 238:ري حياته الكتاب أن يثن عليه الداعية املسلم أمحد ديدات أن اكتشافه لذا الكتاب كان أول خطوة ف تغيري جم

رمحت هللا الندي الكريانوي وكتابه إظهار الق: النقد اإلسالمي للعهد القدمي والديد | 188

. وحينما وصلت لندن الرتمجة اإلجنليزية لذا الكتاب اعرتفت جريدة (2011 ولد الدين) حنو الرد على املنصرينلندن اتميس بقولا: "لو اطلع الناس على هذا الكتاب فإنم لن يقبلوا الدين النصران. وبذلك يتوقف نشر الدينة

Khairuddin, Ismail)زال يشغل اهتمام الباحثني املعاصرين ومنهجه ف مقارنة الدرين ما النصرانية."

& Awang, 2013) . يبدأ يقوم هذا البحث بدراسة هذا الكتاب بغية رصد ما فيه من عناصر جديدة وف املنهج من جدة.

. جنليزياإلالبحث ابلتعريف ابملؤلف وذكر مؤلفاته ف مقاومة التنصري وهجرته إىل مكة بعد الثورة ضد الستعمار أسباب حماولة إللقاء الضوء على بافندر وكتابه "ميزان الق"والتعريف ب حالة الند الدينيةبعد هذا يقدم البحث ومنهجه ف نقده للكتاب املقدس.رمحت هللا . وأخريا يعرض البحث بذكر منطلقات الشيخ أتليف "إظهار الق"

التعريف ابملؤلف

نسبه ودراسته

-Raḥmat Allāh al) بن خليل هللا، املعروف خبليل الرمحن، الكريانوي العثمانهو حممد رمحت هللا

Kayrānawī) وروي أنه ينتهي نسبه عند الد الرابع والثالثني إىل ذي النورين عثمان بن عفان، رضي هللا .حملافظة مظفر انجار عنه. ولد الشيخ رمحت هللا خبي درابر كالن )أي: اجمللس الكبري( ف قرية كريانة التابعة

(Mazaffarnagar) من توابع دلي(Delhi) م، املوافق غرة 1818، عاصمة الند، ف التاسع مارس سنةه . وقد اشتهر أفراد السرة ابلعلم والطب 1256ه. تزوج من ابنة خالته عام 1233مجادي الويل سنة

.(1992 ملكاوي) واملناصب العليامن عمره بدأ تعليمه ف بلدته على يد سعة الثراء والاه. ففي السادسة نشأ الشيخ ف كنف أسرة وا

والده وكبار أفراد العائلة املشهورين ابلعلم والفضل والدين حسب النظام املتبع ف ذلك العهد. وكان قد أمت حفظ القرآن الكرمي ف الثانية عشر من عمره، وأتقن اللغات الثالث: العربية والفارسية والردية. قرأ كتب الشريعة

لغة العربية على يد آابئه، ث ارحتل إىل دلي لطلب التعليم العايل، فالتحق مبدرسة الستاذ حممد اإلسالمية وال(، مدينة العلم والضارة، Lucknowحياة، وسكن ف مبناها حىت أخذ حظا وافرا من العلوم، ث إىل لكهنؤ )

لغة الفارسية على يد الشيخ ه(، وختصص ف ال/1294م1877فتتلمذ على املفيت سعد هللا املراد آابدي )ت ه (، كما درس الطب على يد الطبيب البارع حممد فيض، 1273م/1857إمام خبش ألصهبائي الدهلوي )ت

وصاحب املؤلفات ف علم الكالم، -"اللغازنيماتودرس العلوم الريضية والندسية على يد الستاذ صاحب " .(1996 عبد هللا الندي) الريضية الكثريةظهر نبوغه وتفوقه ف العلوم الشرعية تصدي جمالس التدريس واإلفتاء. وملا ازداد إقبال الطالب وملا

على دروسه أسس مدرسة شرعية ف كرانه، وخترج منها كبار املدرسني ومؤسسي املدارس ف أرجاء الند، منهم:

Al-Hikmah 9(2) 2017 | 189

"الباقيات الصالات". ولكن الشيخ عبد الوهاب الويلوري، مؤسس أول مدرسة إسالمية أرجاء الند املسماة عبد هللا الندي) لزديد النفوذ التنصريي ف الند اشتغل عن مواصلة التدريس فتفرغ للتأليف والرد على املنصرين

1996).

مؤلفاته ف مقاومة التنصري

فع اليدين ف بدأ الشيخ رمحت هللا بكتابة رسائل صغرية وابلرتمجة. فله رسالة وقت صالة العصر، ورسالة ف ر الصالة، وله ترمجة التحفة الثن العشرية إىل اللغة العربية )وهو كتاب ف الرد على الروافض للعالمة شاه عيد العزيز

بن أمحد عبد الرحيم الدهلوي(. وأما مؤلفاته ف الرد على املنصرين والدفع عن اإلسالم هي:

ت هللا لتفنيد حجج املنصرين، وقد ألفه ابللغة الفارسية : هذا الكتب هو أول مؤلفات الشيخ رمحإزالة األوهام .أ ث قام الشيخ نور حممد برتمجته إىل اللغة الردية، ومسى الرتمجة: دافع السقام.

: ألفه ابلردية لإلجابة عن تسعة وعشرين سؤال أوردها املنصرون على علماء اإلسالم، إزالة الشكوك .بنه ارتد أحد املسلمني ف مدينة كراتشي، فكتب القساوسة تسعة وتسمي "سؤالت الكراجني"، وذلك ل

عشرين سؤال على لسان هذا املرتد معرتضني هبا على اإلسالم. وملا علم بذلك ويل العهد مرزا فخر الدين ه / 1268أرسل إىل الشيخ رمحت هللا ليجيب عليها، فامتثل لمره وأجاب عنها مبجلدين ضخمني سنة

م.1852)ويسمي "اإلعجاز املسيحي" و "مصقلة التحريف": ألفه ابلردية ف أكرا )أكرآابد( ز العيسوياإلعجا .ج

ه ، وقد أثبت فيه يلدلة القاطعة نسخ الانجيل وحتريفها.1270سنة ه ، 1292ه لكن مت طبعه سنة 1271فرغ من أتليفه ابلردية سنة أحسن األحاديث يف إبطال التثليث: .د

يدة التثليث بدلة عقلية نقلية.بطل فيه عقأوقد : ألفه ابلعربية. استدل فيه بدلة من نصوص كتب العهدين وبشاراهتا على أن حممدا صلي الربوق الالمعة .ه

هللا عليه وسلم مذكور ف تلك الكتب أنه نيب وأنه خامت النبياء، ومل يطبع هذا الكتاب وهو مفقود.؛ Pfanderلرد على النسخة الديدة من كتاب "ميزان الق" لبافندر : ألفه ابلدرية لمعدل اعوجاج امليزان .و

وذلك أن الشيخ آل حسن ألف كتابه "الستفسار" للرد على طبعة "ميزان الق" الولية. وملا اطلع عليه اير ابفندر غري مواضع كثرية ف كتابه "ميزان الق" ابلزيدة والذف والتبديل. ومبا أن نسخة الطبعة الثانية تغ

الطبعة الوىل ف مواضع كثرية كتب الشيخ رمحت هللا هذا الكتاب للرد على "ميزان الق" الديد وإلظهار الفوارق بني الطبعتني، فسماه "معدل اعوجاج امليزان" ليدل امسه على مضمونه، لكن مل يطبع هذا الكتاب

لنه نب من الند وضاع.

رمحت هللا الندي الكريانوي وكتابه إظهار الق: النقد اإلسالمي للعهد القدمي والديد | 190

لى كتاب القسيس امسث املسمى "حتقيق الدين الق". وكان مؤلفه قد : ألفه ابلعربية للرد عتقليب املطاعن .زكما فعل –م فرد عليه صاحب كتاب "الستفسار"، فغري امسث ف كتابه املذكور 1842طبعه ف الند سنة

م، فرد على هذه الطبعة الشيخ رمحت هللا بكتابه 1846وطبعه ف املرة الثانية سنة –ابفندر ف "ميزان الق" قليب املطاعن". وهذا الكتاب مل يطبع أيضا لنه مفقود."ت

وهذه الكتب الثالثة الخرية قد نبت ف وقعة الند وضاعت ومل تطبع، وإمنا ذكر ذلك ف الزء الثان من نسخة "إظهار الق" املقروءة على املؤلف.

ومل يطبع هذا الكتاب، ويظهر : ألفه للرد على كتاب "حتقيق اإلميان" للقسيس صفدر علي،معيار التحقيق .ح أنه مفقود أيضا.

هذه الكتب ألفها الشيخ رمحت هللا ف الند. وألف ف تركيا كتابني ابللغة العربية مها: "التنبيهات ف إثبات الحتياج إىل البعثة والشر"، و"إظهار الق".

ه ف تركيا ف الرد على 1281ة : ألف هذا الكتاب سنالتنبيهات يف إثبات االحتياج إىل البعثة واحلشر .ط الدهريني الذين ينكرون الشر والقيامة. ألفه ابلعربية ث ترجم إىل اللغة الرتكية وعدة لغات أوروبيا.

م ويعترب آخر مؤلفات الشيخ رمحت هللا ف الرد 1864: ألفه أيضا ابللغة العربية ف تركيا سنة إظهار احلق .ي( والفرنسية 1877صرانية. والكتاب مرتمجة إىل اللغات الرتكية )على النصارى، وهو حصائد نقده للن

( واللغات الخرى اليت ترجم إليها ميزان الق للدكتور 1968( والردية )1900( واإلجنليزية )1880) ابفندر. وهذا الكتاب هو الذي بني يدي الدراسة.

اشرتاكه ف الثورة وهجرته إىل مكة ووفاته فيها

ه . وملا 1274م/ 1874الشيخ رمحت هللا ف الثورة ضد الستعمار اإلجنليزي ف الند سنة هذا وقد اشرتك

أفلت الثورة وأمخدها اإلجنليز بوحشية ابلغة نصبوا أعواد املشانق للعلماء وجعلوا مكافئة ملن يدلم على الشيخ روا بيع كتبه أو طبعها.روبية، وحظ 1420رمحت هللا. فلما مل يعثروا عليه صادروا أمالكه ابعوها ب

ه . وف 1278م/1862اضطر الشيخ رمحت هللا بعد ذلك للهجرة من الند متخفيا حىت وصل إىل مكة سنة مكة حصل على إجازة التدريس ف املسجد الرام وسجل امسه ف السجل الرمسي لعلماء الرم مساعدة الشيخ

ه أسس أول مدرسة ف مكة 1285ذاك. وف سنة إمام وخطيب املسجد الرام آن –أمحد بن زين دحالن ه "املدرسة الصولتية )نسبة إىل املرأة الندية املتربعة ببنائها وامسها "صولت 1291والجاز واليت مسيت ف سنة

ه، ودفن ف مقربة مكة، رمحه 22/9/1308م/1/5/1891النساء"(. وبقي الشيخ مدرسا فيها إىل وفاته عام هللا.

Al-Hikmah 9(2) 2017 | 191

يف "إظهار الق"أسباب أتل

حالة اهلند الدينية والسياسية يف القرن التاسع عشربني عبادة الصنام وأتليه مظاهر الطبيعة واليواانت –من املعلوم بني علماء الدين أن ف الند ديانت كثرية

الال هكذا حىت دخلها أشهرها الربمهية والبوذية )نسبة إىل برامها وبوذا(. ومازال –إىل عبادة الشهوات النسية اإلسالم حينما فتحت أطراف الند الغربية الشمالية ف أواخر القرن الول الجري بقيادة حممد بن القاسم الثقفي. ث تتابعت محالت املسلمني العسكرية لفتح الند، وكان أقوي الدول اإلسالمية على الند هي الدولة املغولية اليت

ه حني قضي عليها الستعمار اإلجنليزي وأنشأ شركة تسمي 923/م1857ن إىل سنة دامت أكثر من ثالثة قرو .(1977 حممد سعيد) اليت تعمل على نشر الدين النصران (East India Company)"شركة الند الشرقية

تبشريية سنة م، ث أسسوا مجعية لندن ال1792ويذكر أن املعمدانيني أنشئوا أول هيئة تنصريية برتستانتينية سنة م وتعترب هذه املؤسسات رسل الستعمار اإلجنليزي اليت مكنت اإلجنليز من إابدة الكم املغويل واستيالء 1795

م.1857اإلجنليز التام على الند سنة وقد اتبع اإلجنليز ف الند خطة تعليمية سهلت مهمة املنصرين فيها: فقد استخدمت الكنيسة العلم واملدرسة

الماعي؛ لن مناطق كثرية يصعب أن يدخلها اإلجنيل بغري املدارس التنصريية اليت يبقى الطالب فيها للتنصري حتت أتثري التعليم املسيحي مدة طويلة. والذي يدعو للعجب أن هذه املدارس والكليات كانت تدار بموال

ت التعليمية لبناء املسلمني، بل الوقف اإلسالمي، وسلب أوقاف املساجد اليت كان ينفق من ريعها على الدما إن بعض املساجد حولت إىل كنائس حبكم الستعمار اإلجنليزي.

وميكن مجع الطرق اليت أتيت منه هجمات اإلجنليز ف ثالثة جوانب: بدأت المعيات التبشريية هجماهتا على قلعة اإلسالم متكئة على الكومة اإلجنليزية ف الند. .أ

بعلومه وثقافته يبهر عيون املسلمني وجيذب أنظارهم ويسيطر على أفكارهم ف مجيع وجاء التيار الغريب .ب الثقافية والقتصادية والسياسية. –جمالت الياة

ووجدت حركة طائفة اآلريني من الندوس جمال فسيحا لبدأ هجومها على املسلمني من جديد بعد ختلصها .ج .(1977 حممد سعيد) لند من زمن بعيدمن الكام املسلمني الذين كانوا يكمون ا

وقد تنبه كثري من العلماء لذه املؤامرات منهم الشيخ آل حسن والدكتور وزير خان وأشهرهم الشيخ رمحت هللا، وأقوي ما ألف للرد فألفوا كتبا علمية قيمة ملواجهة هجوم النصارى على اإلسالم وانظروا القساوسة وجها لوجه.

للشيخ رمحت هللا. فإن كان للجو الدين السائد أثر ف أتليف هذا الكتاب "إظهار احلق"على النصارى كتاب فإن السبب املباشر ف أتليفه هو املناظرة الكربى اليت جرت بني الشيخ رمحت هللا والقسيس ابفندر. ومبا أن

لذلك ل –كما سيأيت –( سبب ف الرتتيب للمناظرة ميزان احلق"تبجحات ابفندر وكتبه الشرسة )وأخطرها " بد من التعريف ببافندر وكتابه "ميزان الق" ث التعريف مبناظراته للمؤلف.

رمحت هللا الندي الكريانوي وكتابه إظهار الق: النقد اإلسالمي للعهد القدمي والديد | 192

ابفندر وكتابه "ميزان احلق"مستشرقا بروتستانتيا أملانيا. أرسلته كنيسة (Karl Gottlieb Pfander 1803-1865)كان الدكتور ابفندر

كرئيس للمنصرين أظهر 1839ث ف تركيا. فحينما دخل الند عام إجنلرتا رئيسا للمنصرين ف أرمانيا والندنشاطا كبريا حبيث عده املنصرون اثلث أخطر منصر يدخل الند، بعد املنصر اليسوعي بريوم كزافييه واملنصر هنري

ملآمت والفراح مارتني. تزعم ابفندر الملة التنصريية داخل الند إبلقاء املواعظ والطب ف الجتماعات العامة وااإلسالمية والندوسية والتهجم على العوائد غري النصرانية. درس اللغة العربية والفاسية والردية، وكانت مهارته ف

. وكان يعتقد أن (8: 2، 1992)الكريانوي اللغة الفارسية ابلغة، كما شهد له بذلك خصمه الشيخ رمحت هللا عهد الديد وأفضليته حينما يقرؤونه بلغتهم الم احملبوب لديهم، يعن الفارسيةاملسلمني ف الند سيعرتفون حقيقة ال

(Bennett 1996) وكان من نشاطه القيام جبولت كثرية ف خمتلف أحناء الند يعقد خاللا الندوات ويلقي .علنا مثريا اجملادلت احملاضرات طاعنا ف عقيدة اإلسالم وداعيا إىل النصرانية، متحدي ف ذلك علماء املسلمني

,Muir 1897, 33; Vander Werff) الدينية معهم ف الرائد واملراسالت مع علماء املسلمني ف الند

41). وقد كان ابفندر من أجرأ من كتب ف الطعن على اإلسالم ونبيه وقرآنه، فألف عددا من املؤلفات

.سية والرتكية، للدفاع عن العقائد النصرانية وتشويه عقائد اإلسالمالطرية، مرتمجة إىل اللغات العربية والردية والفار "مفتاح األسرار"( و 1843) "مفتاح احلياة"و "إظهار الدين النصراين"فمما ألف ف هذا اجملال: كتابه

(. وقد قام 1834)"ميزان احلق" ( و 1847) "طريق احلياة"( و 1847" )حل اإلشكال( و "1844)طبع الكتاب الخري عدة مرات؛ فحذف وزاد وقدم وأخر وبدل كثريا من املضامني ف الطبعات ابفندر إبعادة

الخرية نتيجة ردود علماء املسلمني عليه.بل اعتربه (Muir, 1897, 20) أخطر كتب ابفندر د.ت.( ابفندر) "ميزان احلقويعترب كتاب "

يقول الزيري : "من أجل ذلك نظرت (.1992 ملكاوي) بعض الباحثني أخطر كتب املنصرين على اإلطالقولعل …ف كتب املبشرين القدمية والديثة فوجدت أنا ترجع ف معظمها إىل كتابني أحدمها كتاب ميزان الق

هذا الكتاب هو الينبوع الذي منه يستسقي املبشرون مطاعنهم ف اإلسالم واثنيهما كتاب تذييل مقال ف اإلسالم فميزان الق هو عمدهتم اليت يعتمدون عليه ف مطاعنهم …ن مطاعن ميزان الق قيد شعرة ولكنه مل خيرج ع …

(2007 الزيري) وصاحبه هو زعيمهم الول الذي فتح لم طريق الطعن على اإلسالم واملسلمني جبرأة مدهشة."وجعل أولا وأكثرها أخطر أربعة كتب للمنصرين -القسيس املصري الذي أسلم –وقد عد إبراهيم خليل أمحد

.(1992 ملكاوي) "ميزان احلقخطورة كتاب "هذا، وقد حتدي ابفندر املسلمني على أن يردوا على كتابه "ميزان الق" إن استطاعوا، وزعم أنه ل ميكن معارضته وأن علماء املسلمني عاجزين عن الرد على ما فيه من حقائق. هذا مما حفز الشيخ رمحت هللا أن

ندر إىل املناظرة الهرية. وكان الشيخ يرى أن الرد على كتاب "ميزان الق" ل يكفي إلصالح البلبلة اليت يدعو ابفقد أحدثته ابفندر ف اجملتمعات اإلسالمية وعقيدة العامة ف الند، بل لبد من اإلجهار ابإلصالح حىت يقحمه

Al-Hikmah 9(2) 2017 | 193

( أن الشيخ رمحت هللا زار Powellية. أشار بوول )الجة جهارا ويعريه ويفقده كل هذا الثر ف الوساط الند، ليدعوه إىل هذه املناظرة الهرية، لكنه مل جيده. وكان ابفندر ل يبذ املناظرة 1854ابفندر ف بيته ف يناير عام

لكن بعد عدة مراسالت بني - مع أنه قد كان يتحدى ويدعو العلماء إيل تلك املناظرة –مع الشيخ رمحت هللا ( ، فحصلت بينهما املناظرة. Powell, 1976, Nagina, 2011, 112) لثنني وافق ابفندر على الدعوةا

" يسن التعريف املختصر هبا وبنتائجها.إظهار احلقومبا أن هذه املناظرة هي السبب املباشر لتأليف كتاب "

املناظرة الكربىوقبلها سبقت مناظرة بني الشيخ والقسيس ابملناظرة الكربى، ابفندرو الشيخ رمحت هللا تعرف املناظرة اليت جرت بني

أرسل الشيخ رمحت هللا تسع رسائل إىل (. 1977 حممد سعيد) ابملناظرة الصغرىوهذه تعرف ،Kayكئ الدكتور ابفندر لرتتيب املناظرة العلنية بينهما، واتفقا على أن تكون احملاضرة ف مخسة موضوعات هي: النسخ،

وألوهية املسيح والتثليث، إعجاز القرآن، ونبوة حممد صلي هللا عليه وسلم، وأن تكون املناظرة صباح والتحريف، ه ، ومكان احملاضرة ف خان عبد 1270رجب 12-11/م1854إبريل 11-10يومي الثنني والثالاثء

Thomas) س فرنج (، وأن يكون القسيAgra, Indiaاملسيح حبي أكرب أابد الواقع ف مدينة أكرا ابلند )

Valpy French) مساعدا للقسيس ابفندر ويكون الدكتور حممد وزير خان الكرب أابدي مساعدا للشيخ( قد درس الطب ف لندن فأتقن Muḥammad Wazīr Khānالدكتور حممد وزير خان ) رمحت هللا. وكان

Powell) لية وأقوال علمائها احملققنياللغتني اإلجنليزية واليواننية، واطلع على املسيحية ف مصادرها الص

1976; Bennett 1996). ولقد كان لذه املناظرة أمهية قصوى؛ لن الشيخ رمحت هللا قد اشرتط لنفسه أمام الاضرين أنه إذا مل يستطع اإلجابة على أسئلة القسيس ابفندر يلتزم بقبول الدين النصران، وقد اشرتط هذا الشرط نفسه ابفندر إذ

.(Powell 1976؛ 1977 حممد سعيد) بنه إذا غلب ف املناظرة يقبل دين اإلسالم صرحانعقدت اللسة الويل للمناظرة ف موضعي النسخ والتحريف، شهدها أعيان من املسلمني واملسيحيني

غلبة ف اللستني والوثنيني، وزاد عدد الضور ف اللسة الثانية لنتشار أخبار ما جرى ف اللسة الوىل. وكانت الللشيخ رمحت هللا، ألزم ابفندر فيها الجة بوقوع التحريف ف التوراة واإلجنيل ف سبع أو مثانية مواضع وبوجود

-498: 2، 1992الكريانوي رمحت هللا) أربعني ألف موضع مساها ابفندر سهو الكاتب واختالف العبارةالكتاب املقدس، لكن مل يعترب هذا القدر القليل طاعنا ف وبعد هذا اعرتف ابفندر بوقوع التحريف ف (.499

.(Powell 1976; Bennett 1996) الكتاب املقدسوقد أغضب املسيحيني والكام اإلجنليز هذا العرتاف العلن الصريح، فعزم القسيس ابفندر أن يغلق

إعجاز القرآن، ونبوة حممد صلى هللا عليه وسلم ألوهية املسيح والتثليث، و –ابب املناظرة ف املسائل الثالثة الباقية . وف ذلك يقول الشيخ رمحت هللا ف مدخل (Powell 1976) كي ل تتواىل الزائم والنكسات له ولقومه –

" فظهرت الغلبة لنا بفضل هللا ف مسأليت النسخ والتحريف اللتني كانتا من أدق املسائل إظهار احلقكتابه "

رمحت هللا الندي الكريانوي وكتابه إظهار الق: النقد اإلسالمي للعهد القدمي والديد | 194

يس كما تدل عليه عبارته ف كتاب حل اإلشكال، فلما رأى ذلك سد ابب املناظرة ف وأقدمها ف زعم القس (.7: 1، 1992 الكريانوي رمحت هللا) املسائل الثالث الباقية."

ترك ابفندر الند بعد هذه الزمية وسافر إىل أملانيا وسويسرا وبريطانيا، ث اختارته اإلرسالية الكنيسة ف الفة اإلسالمية ف القسطنطينية.لندن منصرا ف مقر ال

وقد اتصل ابفندر ابلسلطان عبد العزيز خان، وزور أخبار املناظرة، وزعم أن الغلبة فيها كانت له، ث طلب من مسلمي تركيا القتداء إبخوانم مسلمي الند، حيث زعم أنم حتولوا إىل النصرانية.

محت هللا ف مكة استدعاه إىل دار الالفة ليناظر وملا علم السلطان عبد العزيز خان بوجود الشيخ ر ابفندر ف تركيا ليتحقق من المر وحىت ل تؤثر إشاعات ابفندر على أبناء املسلمني. وملا حل الشيخ ضيفا رمسيا ف قصر الالفة ومسع ابفندر بذلك فر هاراب من تركيا، ومل يرتيث ملقابلة الشيخ رمحت هللا. فحينئذ طلب السلطان من الشيخ أن يقص خرب املناظرة، فلما استبان له طول ابع الشيخ ف هذه املوضوعات ومتكنه منها طلب منه أتليف كتاب ابللغة العربية يضم مسائل املناظرة المس، فعقد الشيخ العزم على أتليف هذا الكتاب. وقد بدأ

م، وانتهي منه ف أواخر 1863الول ه أواخر )ديسمرب( كانون1280رجب 16بتأليفه ف الستانة بتاريخ م، كما بني ذلك الشيخ نفسه ف آخر صفحة من هذا الكتاب1864ه حزيران )يونية( سنة 1280ذي الجة

. وسلم النسخة الويل منه خبط يده العريب إىل رئيس الوزراء، خري (1365: 4، 1992 الكريانوي رمحت هللا)ة أن أتليفه كان استجابة لرغبة الشيخ أمحد دحالن إمام املسجد الرام مبكة، الدين ابشا التونسي، فقرأ ف املقدم

فراجعه رئيس الوزراء هبذا الصوص وأنه هو والسلطان طلبا منه ذلك ومل يذكرمها، ل للسمعة والريء ولكن تقريرا جيب أن يكون خالصا للحق الواقع وإكراما ملركز الالفة، فأجابه الشيخ رمحت هللا بن هذا غرض دين سامي

لوجه هللا ول يشوبه أي غرض دنيوي أو تزلف إىل سلطان، وأن الشيخ دحالن هو أول من اقرتح عليه ذلك. .(1992 ملكاوي) فكان جوابه مقبول، وارتفع ف عني السلطان، وعرف أنه من طالب اآلخرة

عرض لكتاب إظهار الق

حمتوايت كتاب "إظهار احلق"( إنكار أهل الكتاب 1ر الق أمهات املسائل املتنازع فيها بني املسلمني وأهل الكتاب، وهي: )مشل كتاب إظها

( وقول النصارى 5( وإلعجاز القرآن، )4( وإنكارهم لنبوة حممد، )3( ونسخها، )2ابلتحريف ف كتبهم، ) امس.ابلتثليث وألوهية املسيح. واملسلمون يؤمنون ابملسائل الربع الوىل وينكرون ال

وعند الفريقني أن اإلميان بواحدة مما جيب إنكاره وإنكار واحدة مما جيب اإلميان به خترج املعتقد هبا عن دينه. ويكفي لدم أصول دين النصارى أن يثبت واحدة من هذه املسائل المسة على حسب ما يعتقده

ثبته هللا ورسوله، ونفا منها ما نفاه هللا املسلمون وعلي ما يعتقده النصارى فيها. فأثبت هذا الكتاب منها ما أورسوله صلي هللا عليه وسلم. وقد خصت كل مسألة منها بباب مستقل، وزيد ابب آخر للحديث عن كتب

Al-Hikmah 9(2) 2017 | 195

العهدين وأمسائها وتعدادها وسندها وكتاهبا وما يتعلق بذلك. وبذلك يكون الديث عن كتب العهدين قد جاء بواب الكتاب.ف ثالثة أبواب مستقلة هي نصف أ

أما الباب الرابع قد أثبت فيه الشيخ رمحت هللا وحدانية هللا تعاىل وبطالن عقيدة التثليث وألوهية املسيح ابلدلة العقلية والنقلية وبقوال املسيح نفسه ورد على أدلة النصارى ف هذه العقيدة. وأما الباب الامس

القسيسني عنه، وكذلك حتدث فيه عن الديث النبوي فقد خصصه للحديث عن إعجاز القرآن ورفع شبهات الشريف وصحة ما ف الكتب املعتمدة عند أهل السنة والماعة، ورد الشبهات الواردة عليه. وتعرض ف الباب السادس والخري إلثبات نبوة حممد صلي هللا عليه وسلم، وما ورد ف حقه من بشارات ف كتب العهدين. ث ذكر

على مطاعنهم ف نبوة حممد صلي هللا عليه وسلم. رد داهتم ف النبياء و مجلة من معتقلكن قدم النسخ ) وكان ترتيب الكتاب موافقا لرتتيب موضوعات املناظرة، فبدأ ابلتحريف والنسخ

فالتثليث فإعجاز القرآن ث ختمها مبوضوع النبوة. ول شك أن هذا هو أنسب ترتيب (على التحريف ف املناظرةمي متصل اللقات ف هذه املوضوعات المسة املهمة. فقدم موضوع التحريف على النسخ لن الكتاب عل

احملرف ل يبقى شك ف أنه سينسخ بغريه، وإذا ثبت التحريف والنسخ انسب أن يذكر بعدمها موضوع التثليث ي الدلة النقلية فقط من كتب وألوهية املسيح؛ لن النصارى يدعون أن أدلتهم على التثليث وألوهية املسيح ه

العهدين. والكتاب إذا ثبت حتريفه ونسخه ل يصح الحتجاج به ف أبسط المور فضال عن عقيديت التثليث وإنكارمها مدار إبطال نبوة –وألوهية املسيح. وإذا ثبت التحريف والنسخ وبطالن عقيديت التثليث وألوهية املسيح

يبق لم دليل ول حجة ف إنكار نبوة حممد صلي هللا عليه وسلم. ثبت أنه مل –م عليه وسلم عندهحممد صلي هللاوقد هذا وملا كانت املعجزة دليال من أدلة النبوة انسب تقدمي الديث عن إعجاز القرآن قبل موضوع النبوة.

ا الكتاب أكثر مما ( على املؤلف أنه مل يقرأ كتبا آخر عن النصارى ومل يزد شيئا ف هذPowellأخذ بوول ) .(Powell 1976, 62) أورده ف املناظرة، مع مضي حوايل عشر سنوات بني املناظرة وأتليف الكتاب

وف الصفحات التالية عرض لبواب وفصول الكتاب كما ورد ف حتقيق الدكتور حممد أمحد ملكاوي .للكتاب

أدلة واضحة ونتائج علمية قاطعة

د الدة والبتكار ف املنهج والسلوب والدلة اليت استخدمها املؤلف. فلم جينح إىل الناظر لكتاب إظهار الق جيالدلة الغامضة والستنباطات املعقدة، بل ساق أدلته بكل وضوح وسهولة ف الستنباط والرتتيب، فجاءت كأنا

د ف سرد أدلة الكتاب عن الفرعيات نتائج ريضية علمية ل خيتلف فيها الثنان ول يتناطح فيها الكبشان. وقد ابتعاليت تكون عادة مثار جدل طويل، بل ركز على نقد العقائد الساسية اليت يكفي إبطال الواحدة منها لدم

الصول اليت يعتمد عليها الصم. Textual)ول شك أن الشيخ رمحت هللا قد استفاد كثريا من مناهج النقد الباطن للكتاب املقدس

Criticism) اليت كانت تروج ف القرن التاسع عشر امليالدي ف داخل الكنائس الوروبية نفسها. وقد استشهد

رمحت هللا الندي الكريانوي وكتابه إظهار الق: النقد اإلسالمي للعهد القدمي والديد | 196

التحريف ابلتبديل –الشيخ رمحت هللا ابلنتائج اليت ت وصلت إليها ليثبت أن التحريف اللفظي بقسامه الثالثة واستشهد أيضا مبنشورات قسيسني أنفسهم. وقع ف الكتاب املقدس ابعرتاف جهابذة ال –وابلزيدة وابلنقصان

وهدفه الساسي ف هذه (. Encyclopedia Britannicaأوروبيني أخرى ومن ضمنها موسوعة بريتانيكا ) الستشهادات ليس لريجح قول على آخر ولكن ليشري إىل وجود آراء متناقضة ف أي نقطة من الكتاب املقدس

(Powell 1976, 1993). ل الشيخ رمحت هللا هبذه املصادر مل يكن اتصال مباشرا لكن بواسطة مساعده ف ويذكر أن اتصا

املناظرة، الدكتور حممد وزير خان الذي درس الطب ف إجنلرتا واتصل ابلبعثات التبشريية هناك ودرس ث مجع ما خ رمحت هللا خصم الشي –. ويذكر أن ابفندر (Powell 1976)كتبه علماء الملان ف نقد الكاتب املقدس

Powell 1976; Bennett) مل يكن يعرف ومل يطلع على مثل تلك الدراسات النقدية ونتائجها–ف املناظرة

، ومل يعلم أن علماء املسلمني قد اطلعوا عليها؛ فلذلك اندهش يوم املناظرة ملا رأى مؤلفات هورن(1996

(Horne 1825) وسرتوس (Strauss 1846) د وزير خان. وظن أن الكنيسة الكاثوليكية أمام الدكتور حممالتبشريية هي اليت زودت خصمه هبذه الكتب للنيل ولالستخفاف من تعاليم الكنيسة الربوتستانتية، فمن ث طلب

;Powell 1976) من الكنيسة الربوتستانتية التبشريية بعد املناظرة أمثال هذه الكتب اليت استفاد منها املسلمون

Bennett 1996).

كتب العهدين اتريخ غث

كثري من العلماء يضعون التوراة واإلجنيل والقرآن على قدم املساواة أثناء ردودهم. وهذا ما يريده املسيحيون خصوصا، لن يرتفع الكتاب املقدس بذلك إىل منزلة تكسبه الثقة والتقدير، علما بن أهل الكتاب ل يدعون

ف كتابه عن هذه القيقة اليت جيب على املتعرض لذا فأابن الشيخ رمحت هللا .أنا كالم هللا بلفاظها ونصوصهااملوضوع اصطحاهبا والنتباه إليها. فإن كتب العهدين ل يعدو أن تكون روايت اترخيية خمتلطة، والغث فيها كثري،

ات زمنية خمتلفة ومتباعة. ول تصل بي حال إىل مستوى أقل كتب السرية شأان عند املسلمني، وأنا ألفت ف فرت وفيها أقوال وأفعال منسوبة لغري واضعيها، بل قد يكون السفر منها بكمله منسوبة لغري كاتبه. وعلي فرض صحته

فالسند مفقود.فحينما يعلق على التباين التام ف أمساء وعدد أبناء بنيامني كما ورد ف السفر الول والثان من أخبار

السالم وف سفر التكوين، مع دعوى اليهود أن عزرا هو الذي مجع التوراة والسفرين بعد ما أتلفوا، اليم لعزرا عليهيقول الشيخ رمحت هللا: "فعلم أن التوراة املشهورة ليست التوراة اليت صنفها موسى ول اليت كتبها عزرا، بل الق

أحبارهم ف هذا اجملموع بال تنقيد الروايت، وعلم أنا جمموعة من الروايت والقصص املشتهرة بني اليهود، مجعها أن النبياء كما أنم ليسوا مبعصومني عن صدور و (عزرا، وحجى، وزكريء)وهم من وقوع الغلط من النبياء الثالثة

Al-Hikmah 9(2) 2017 | 197

، 1992 الكريانوي رمحت هللا) الكبائر عند أهل الكتاب فكذلك ليسوا مبعصومني عن الطأ ف التحرير والتبليغ."وف مكان آخر بعد ما قدم حماولت علماء اليهود والنصارى ف حتليل أقوال متناقضة وفشلهم (.113-114: 1

ف ذلك يقول الشيخ رمحت هللا ف ذلك: "واإلنصاف أن هؤلء معذورون لكون الكالم فاسدا من أصله ولنعم " فعلم أن هذه الكتب عندهم كانت ويقول أيضا ف مكان آخر .ما قيل : )لن يصلح العطار ما أفسد الدهر(

: 1، 1992 الكريانوي رمحت هللا) ف رتبة كتب التواريخ الخر ، وما كانوا يعتقدون إلميتها، وإل ملا خالفوا."113-114.)

إثبات وقوع التحريف اللفظي أبنواعه الثالثة

لتحريف ابلزيدة، والتحريف ابلذف، قسم الشيخ رمحت هللا التحريف إىل ثالثة أنواع: التحريف ابلتبديل، واوكشف أخطاء كثرية بني النسخ املختلفة زمنا ولغة. فنجده يشري إىل النسخة العربانية واليواننية والسامرية، أو الرتمجة اإلجنليزية والعربية والفارسية والردية، وهذه القدرة على املقارنة بني النسخ والرتمجات والطبعات القدمية

لكتب العهدين، وتقسيمه ملا بينها من فوارق إىل اختالفات وأغالط، واستشهاده على ذلك مبئات والديثةالشواهد، كل ذلك يدل على متكنه التام ف هذا الفن، وف معرفته بكتب العهدين. بل إنه ف بعض الحيان

ط والتحريفات.جييب على العرتاضات اليت ميكن أن جياب هبا على وجود هذه الختالفات والغالث توصل إىل أن كتااب تقع فيه مثل هذه الختالفات والغالط والتحريفات الزيدية والذفية والتبديلية ل ميكن

أن يطلق عليه أنه كتاب مساوي، ول أن تكون كتابته بطريق اإللام، وأن الحتجاج به ساقط عن العتبار.

بني خطة اهلجوم والدفاعالذين يتعرضون للرد على املنصرين واملستشرقني يضعون دينهم موضع املتهم ويقفون موقف الدفاع كثري من العلماء

مل يكتف مبوقف الدفاع عن –وكذا وف مناظرته –عنه فقط، إل أن الشيخ رمحت هللا ف كتابه إظهار الق لأ خصمه إىل موقف الدفاع العقائد اإلسالمية، بل سلك مسلك الجوم على الصم وعقائده وأدلته وكتبه، وأ

بدل الجوم. ول خيفى ما ف خطة الجوم هذه من أتثري ف أفكار الصم وزلزلة ملعتقداته اليت استعلى هبا زمنا طويال.

ومل يكتف الشيخ خبطة الجوم فقط بل دافع بدلة قاطعة عن العقائد اإلسالمية، لكنه ركز على خطة هر هذا جليا ف عرض أبواب الكتاب وفصوله وتقدمي موضوعات الكتاب الجوم أكثر من خطة الدفاع. ويظ

بعضها على بعض ث عدد الصفحات اليت انقش فيها اتريخ الكتاب املقدس وحتريفه ونسخه وألوهية املسيح، اليت هي أكثر من ثلثي الكتاب.

م وحدها ول خطة ومن الدير ابلذكر أنه ل تكفي ف مناظرة أو دراسة لعقيدة الغري خطة الجو الدفاع وحدها؛ وإمنا لبد من التسلح بكلتا الطتني. وهذا ما فعله الشيخ رمحت هللا ف هذا الكتاب. فقد استفاد كثريا آبراء علماء املسلمني القدامى ف الدفاع عن عقيدة اإلسالم وردودهم على عقيدة اليهود والنصارى، لكنه

رمحت هللا الندي الكريانوي وكتابه إظهار الق: النقد اإلسالمي للعهد القدمي والديد | 198

أيضا آبراء علماء النصارى احملدثني ف النقد الباطن للكتاب املقدس؛ مل يركن إىل ذلك فحسب، بل استفاد ولذلك كانت له الغلبة ف مناظرته مع ابفندر، وهذا أيضا سبب من أسباب فشل ابفندر وهزميته ف املناظرة. فقد

ىت اعترب كتابه كانت معرفته ابإلسالم أكثر من أقرانه ف زمانه. فقد هاجم عقيدة اإلسالم ف عدد من مؤلفاته حأخطر ما كتب ف التنصري وضد عقيدة اإلسالم، كما سبقت الشارة اليه، لكن حدث كل هذا على ميزان احلق

حساب معرفته ابلكتاب املقدس الذي يؤمن به؛ فإنه عاجز كل العجز عن الدفاع عن عقيدته ل سيما إذا كان .(Powell 1976) النقد قد وجه أساسا من داخل الكنيسة نفسها

بني أسلوب التهكم واألسلوب األديب

القارئ لكتاب إظهار الق يالحظ أن الشيخ رمحت هللا استعمل هذا السلوب ف الرد على خصمه إذا اقتضى املقام ذلك أو إذا اضطر إىل ذلك. ومثال ذلك كثري ف ثناي الكتاب. فنراه حينما يعنف خصمه كيف يطعنون

هللا عليه وسلم مع أنم قد أثبتوا ما هو أشنه لنبيائهم، يقول الشيخ رمحت هللا معقبا:ف كثرة أزواج حممد صلي لعل منشأ هذه المور أن هللا ملا كان واحدا حقيقيا ل تكثر ف ذاته بوجه من الوجوه عند أهل اإلسالم فذاته

الثالثة املتصف كل منهم بصفات املقدسة ل تسع أمرا غري مناسب، وعندهم ملا كانت ذاته مشتملة على القانيموالثالثة أكثر من الواحد، …اللوهية كلها، املمتاز كل منهم عن اآلخر امتيازا حقيقيا، تسع أمرا غري مناسب

حىت الشرك –فلعل إلهم ف زعمهم أقوى من إله املسلمني. وكذلك ملا مل تكن العصمة من ذنب من الذنوب عندهم، كانت ساحة النبوة عندهم أوسع من ساحتها عند املسلمني. أو لعل شرطا للنبوة - …وعبادة العجل

منشأها أن يعقوب وداود وسليمان وعيسى ملا كانوا أبناء هللا فلهم أن يفعلوا ف مملكة أبيهم ما يشاءون، خبالف مالكه وسيده ما يشاء!! حممد صلي هللا عليه وسلم فإنه ملا كان عبد هللا بن عبد هللا ل جيوز له أن يفعل ف مملكة

: 4، 1992الكريانوي رمحت هللا) نعوذ ابهلل من التعصب الباطل والعتساف ومن املكابرة وعدم اإلنصاف1351-1352).

فال شك أن ف هذا التعريض هتكما للخصم ف عقيدته مقارنة ابلعقيدة اإلسالمية. دعواه أن مضامني القرآن قبيحة، وف مكان آخر نري الشيخ رمحت هللا حينما يرد على خصمه ف

أكد أن ف القرآن مضامني قيمة وأنه ما من آية من آيته إل وتشتمل على تلك املضامني العالية الشأن، مجعها ف سبعة ومثانني مضموان، مثل الصفات الكاملة هلل تعاىل والدعوة إىل توحيد الالص وتنزيه النبياء عن الرذائل

ث اعرتف الشيخ رمحت هللا أنه ل يوجد ف القرآن بعض املضامني املوجود ف كتاهبم … ذلك ومدح املؤمنني وغريمثل أن النيب الفالن زىن اببنتيه أو بزوجة الغري أو أنه ارتد كافرا وعبد الصنام أو أن مرمي أم والدة هللا حقيقة ومثل

مني الواردة ف الكتاب املقدس بقوله:ث عقب على هذه املضا …أنه ل خالص بدون اإلميان ابلبااب لعل هذه املضامني العالية اليت نقلتها وأمثالا لو وجدوها ف القرآن لعرتفوا بنه كالم هللا وقبلوه، لكنهم ملا وجدوه خاليا عنها ومن أمثالا؛ فكيف يعرتفون ويقبلون؟ لن املضامني السنة املألوفة عندهم هي هذه

.(849: 3، 1992الكريانوي رمحت هللا) اإلنصاف ل املضامني اليت ذكرت ف القرآن املضامني وأمثالا،

Al-Hikmah 9(2) 2017 | 199

فالعقل السليم يقطع على رذيلة تلك املضامني الواردة ف الكتاب املقدس، لكن مساها املؤلف "مضامني عالية"

هتكما. يتعرض لعرض ومع أن الشيخ رمحت هللا يسلك مسلك التهكمي ف بعض الالت فإنه تعهد أنه ل

اإلنصاف خصمه وسبه والتفوه بلفاظ انبية جتاهه، وإن قال هذا الصم مثل هذه اللفاظ ف حق علماء اإلسالم. ولذلك أىب على صاحب "الستبشار" استعماله ملثل هذه اللفاظ (86: 1، 1992الكريانوي رمحت هللا)

. وقد صرح بذلك ف مقدمة الكتاب حيث قال: (76: 1، 1992الكريانوي رمحت هللا) جتاه القسيس ابفندر"إن إن شاء هللا ل أذكر عمدا لفظا يوازن لفظا من ألفاظ مقتداهم ف حق علماء املسيحيني، لكن لو صدر من

: 1، 1992)رمحت هللا الكريانوي غري العمد لفظ ل يكون مناسبا لشأنم ف زعمهم، أرجو املساحمة والدعاء."19).

لزامي اجلديلاملنهج اإلأثبت الشيخ رمحت هللا ف كتابه إظهار الق حتريف كتب العهدين ونسخها ونبوة حممد صلي هللا عليه وسلم وبطالن عقيديت التثليث وألوهية املسيح، دون أن خيرج عن املعتمد عند أهل الكتاب من أسفارهم ومن أقوال كبار

تدلل ابلقرآن والسنة النبوية والدلة العقلية إل ف مواضع حمددة علمائهم وحمققيهم ومفسريهم. ومل جينح إىل السأو عند اقتضاء ضرورة الكالم؛ وذلك لن أهل الكتاب ينكرون القرآن والسنة، فال ينفع معهم الستدلل هبما

عليهم.ه وأما الدلة العقلية فهي معطلة عندهم ف مقابل النصوص احملرفة، بل صرح كثري من علمائهم أن

يتوجب على من يريد قراءة كتب العهدين أن يلغي عقله أول، لذا تسلح الشيخ بسالحهم وغاص ف بطون كتبهم فاستخرج مما فيها بطالن ما فيها، وأثبت حتريفها ونسخها بنفس آيهتا، كما أثبت وحدانية هللا تعاىل ونبوة حممد

إلنكارمها.صلي هللا عليه وسلم بنفس آيت أسفارها اليت حرفت قصدا ولذا سلك الشيخ رمحت هللا ف الستدلل املنهج اإللزامي، حبيث يورد ما يعتقده الصم ث أييت مبا يرد عليه فيما يعتقده الصم أيضا ليبني له أن اللل ف عقيدته والتناقض ف نصوص كتابه املقدس وإن مل يتفطن

إىل ذلك أو غض الطرف عنه متعمدا.نسخ جائز عقال وواقع فعال ف الكتاب املقدس استشهد بقول عيسى عليه السالم فحينما يؤكد أن ال

للحواريني حني أرسلهم فقال: "إيل طريق أمم ل متضوا وإيل مدينة للسامريني ل تدخلوا،" وقوله "مل أرسل إل إىل ن إسرائيل، ث خروف بن إسرائيل الضالة،" فنهي عيسى عن دعوة أمم أخرى والسامريني، وخصص رسالته بب

قال وقت العروج إىل السماء: "اذهبوا إىل العامل أمجع واركزوا ابإلجنيل للخليقة كلها،" فأمر بدعوة مجيع العامل وعمم .(48: 1، 1992الكريانوي رمحت هللا) رسالته فنسخ حكمه الول

رمحت هللا الندي الكريانوي وكتابه إظهار الق: النقد اإلسالمي للعهد القدمي والديد | 200

ن بعموم رسالة والشيخ رمحت هللا حينما يستدل هبذه النصوص أن الول نسخ الثان، فهو ل يؤموقوله (49سورة آل عمران: " )ورسول إىل بن إسرائيل"عيسى عليه السالم بل إىل بن إسرائيل فقط لقوله تعاىل:

، ولكن يريد فقط ليبني وقوع (6سورة الصف: " )وإذ قال عيسى ابن مرمي ي بن إسرائيل إن رسول هللا إليكم" نسخ شريعتهم بشريعة اإلسالم.النسخ ف كتاهبم، فإذا ثبت هذا جاز أن ت

وأكثر أدلة كتاب إظهار الق من هذا القبيل، حبيث يبقى ملتزما بنصوص العهد القدمي والعهد الديد خالف ذلك. علىوأقوال جهابذهتم وإن كانت النصوص القرآنية

لك، بل حىت املطعوانت املوجهة ضد اإلسالم فإنه ف ردها ل جينح إىل ما يعتقده املسلمون ف ذيبقى ف دائرة نصوص كتاهبم مستدل مبا يؤمنون به على خالف ما يؤمنون به وعلي رد مطعوانهتم على اإلسالم. وغالبا ما يكون عقيدة اإلسالم اليت يدين هبا املؤلف خمالفا لذه الدلة، لكن آثر املؤلف أن يلزمهم الجة مبا ل

سبيل لم ف ردها.هم أن حممدا صلي هللا عليه وسلم صلي هللا عليه وسلم مل أيت مبعجزة، فمثال حينما يرد على زعم

أجاب: " أن صدور املعجزة ليس من شروط النبوة على حكم هذا اإلجنيل املتعارف، فعدم صدورها ل يدل على ط هذا مع أنه يؤمن إمياان جازما أن املعجزة من شرو (.1307: 4، 1992الكريانوي رمحت هللا) عدم النبوة"

النبوة وأن حممدا أتى مبعجزات كثرية ابإلضافة إىل القرآن، بل وقد عقد فصال خاصا ف ذكر معجزات الرسول صلي هللا عليه وسلم.

وقد نبه املؤلف على هذه القاعدة ف مقدمة الكتاب أنه ل يدين مبا يستدل به وأن كالمه بطريق ، 1992الكريانوي رمحت هللا) أهل اإلسالم فال يقع ف الشكاإللزام والدل فقط، فإن رآه الناظر خمالفا ملذهب

. ويقول ف مكان آخر: "واعلم أن ما كتبت ف هذا المر الامس كتبته إلزاما، وإل فإن أتربأ من أمثال (9: 1ة هذه التقريرات ول أعتقد أمرا منها ف حق عيسى عليه السالم ول ف حق حواريه الجماد كما صرحت ف مقدم

ويعتذر من نقل هذه املقولت ف مكان آخر فيقول: " (.1348: 2، 1992الكريانوي رمحت هللا) الكتاب"أعاذان هللا من أمثال هذه العتقادات السوء ف حق النبياء عليهم السالم، ول يؤاخذن على ما نقلت هذه

رمحت هللا) بياء هذه الكذابت، وهم بريؤن منها"املزخرفات على سبيل اإللزام، وهللا ث ابهلل ل أعتقد ف حق الن (.838: 3، 1992الكريانوي

معايري الرتجيح

فإذا كان الشيخ ف كتابه إظهار الق يعتمد أساسا على نصوص العهدين القدمي والديد ف النقد الباطن لذه

إذا اقتضى املقام ذلك. فنذكر النصوص، فإنه له معايري أخري للرتجيح بني نصوص متعارضة خارج هذه النصوص منها ما يلي:

Al-Hikmah 9(2) 2017 | 201

القرآن -

سبق أن قلنا أن الشيخ رمحت هللا ل يستشهد ابلقرآن إل إذا اقتضى املقام ذلك، وذلك إذا استعصى عليه المر ر ف ومل يتبني له الصحيح من القوال املتناقضة، فحينئذ يلجأ إىل القرآن أو السنة النبوية الصحيحة ليكون املعيا

ترجيح قول على آخر. ومثال ذلك ما جاء ف التوراة ف مواضع عديدة أن البناء تؤخذ بذنوب اآلابء إىل ثالثة أجيال وأربعة أجيال، بينما وقع ف مكان آخر أن اآلابء ل تؤخذ بذنوب البناء ول البناء بذنوب اآلابء، ث

ب غريه؛ لنه يتفق مع قوله تعاىل: "ول تزر وازرة وزر أخرى"رجح الشيخ الرأي الثان، أي أن أحدا ل يؤخذ بذنو ، 15، واإلسراء: 164هذه اآلية وردت ف السور التالية: النعام: (. 114: 1، 1992الكريانوي رمحت هللا)

هكذا "أم مل ينبأ مبا ف صحف موسى وإبراهيم الذي وىف أل تزر وازرة 38؛ وف النجم: 7، والزمر: 18وفاطر: وزر أخرى". ولعل الشيخ يريد أن يستدل هبذه اآلية الخرية لنا صرية أنا ف التوراة. وعلي أي حال، فإنا

.واليت استشهد هبا املؤلف تؤدي نفس املعىن العمران البشري -

من وقد يستعني الشيخ رمحت هللا ف ترجيح قول على آخر بعلم العمران الذي طوره ابن خلدون ف القرن الثاالجري. وهو كما بينه ابن خلدون أن يتوافق الرب املروي ابلعمران البشري: وهو جمموع قوانني الياة الجتماعية

السائدة يوم حدوث الرب. فإن اختل قانون من هذه القوانني مبا … والبيئية والسياسية والقتصادية والطبيعية ، 11-9 :1 ابن خلدون) ل ينظر إليه مهما له من سند متصليتفق عقليا ابلرب املروي فال يثبت هذا الرب و

من الرجال ما ورد ف سفر العدد أن عدد بن إسرائيل –كما أورده الشيخ رمحت هللا – ومثال ذلك. )35-38ألفا ومخسة ومخسني رجال مائة وثالث القادرين على القتال حينما خرجوا من مصر كان أكثر من ست

أن هذا العدد إذا أضيف إىل العدد غري الصالني للحروب من الشيخ رمحت هللا ى هذا وير (.603,055)وغريهم من املرتوكني يؤدي إىل أن اجملموع الكلي لعدد بنىي إسرائيل ل النساء والولدان )دون العشرين من العمر(

يل وجوده ف ذلك كد الشيخ رمحت هللا أن هذا العدد يستح( حينئذ. يؤ 2,500,000أقل من مليونني ونصف )لن عددهم من الذكور واإلانث حينما دخلوا مصر الوقت لبن إسرائيل لتناقضه مع العقل وظروف الال يومها،

(، هذا يبعد أن يبلغ عددهم ذلك الكم 215كان سبعني ومدة إقامتهم فيها كانت مائتني ومخس عشر سنة ) وف ذلك يقول:الغفري الذي ورد ف سفر العدد.

جع أن يكون عند ملك مصر عسكر مهيأ موجود أزيد من سبعمائة ألف ف كل وقت لري لبد"البغاة الذين عدد شجعانم وحماربيهم أزيد من ستمائة ألف، ول يوجد العسكر املهيأ املوجود ف

فضال عن ملك مصر. العظام عند سلطان من السالطني يدار الالفة مبقدار سبعمائة ألف عسكر ثرة بن إسرائيل كانت ابلقدر الذي ميكن ف مدة مائتني ومخس عشر سنة، وكان سلطان فالق أن ك

رمحت هللا الندي الكريانوي وكتابه إظهار الق: النقد اإلسالمي للعهد القدمي والديد | 202

ن موسى عليه السالم عمصر قادرا عليهم أن يظلم بي وجه شاء، وكان المر اللسان الصادر " …كافيا لرحتالم كل يوم، وكان يكفي حوايل طور سيناء وحوايل ايليم لنزولم مع دواهبم

(.127: 1، 1992لكريانوي ا رمحت هللا)

فكل هذا يستحيل عقال وظروف الال ف ذلك الوقت، فمن ث ل يثبت هذا العدد كما ورد ف سفر العدد. العقل البديهي-

وقد يكون عامل الرتجيح هو جمرد العقل البديهي حبيث يكتشف استحالة الرب من له أدىن عقل. ومثال ذلك ما لنسخة العربانية: "أخزيه صار سلطاان وكان بن اثنتني وأربعني سنة"، فرد الشيخ هذا جاء ف أخبار اليم ف ا

الرب بنه غلط يقينا؛ لن أابه يهورام حني موته كان ابن أربعني سنة، فلو صح هذا يلزم أن يكون أخزيه أكرب ل عقال أن يساوي . فال شك أنه يستحي(127: 1، 1992الكريانوي رمحت هللا) من أبيه يهورام بسنتني

اإلنسان أابه ف العمر، فكيف إذا كان أكرب منه بسنتني كما ورد ف أخبار اليم؟! فالشك أنه غلط.

الامتة

أدركنا أن الكتاب املقدس كما عرضه الشيخ رمحت هللا ل يعدوا من أضغاث أحالم. فقد قرأ رضبعد هذا الععهد الديد، واستدل هبذه النصوص على بطالن العقيدة املؤلف وغاص ف بطون نصوص العهد القدمي وال

النصرانية. فقد أثبت وقوع النسخ والتحريف ف هذه النصوص واستخرج أقوال متناقضة ل يعقل أن تصدر أمثالا عن عاقل فضال عن نيب أو هللا سبحانه وتعاىل، تعاىل هللا عن ذلك علوا كبريا. وأكد املؤلف وحدانية هللا تعايل

طالن عقيدة التثليث، كما أثبت إعجاز القرآن ونبوة حممد صلي هللا عليه وسلم. استطاع املؤلف أن يتج على وبهذه القضاي الكربى المس بنفس نصوص الكتاب املقدس؛ فحينئذ ترك للخصم خيارين ل اثلث لما: فإما أن

النصوص أصال، فحينئذ يعفى عن اللوم ول ل يعرتف ابلساس الذي بن عليه املؤلف دعواه، بن ل يؤمن هبذهيوجه إليه النقد، بل ل ينفع معه الستدلل لنه حينئذ صار ملحدا. وإما أن يعرتف به، فحينئذ يلزمه الجة.

أما أن يعرتف ابملقدمة ويرد النتيجة الالزمة فهو عناد وعمي وضاللة، وهذا شأن خصم املؤلف.خ مبناهج النقد الباطن للكتاب املقدس اليت كانت تروج ف القرن التاسع ومن املؤكد أن استفادة الشي

عشر امليالدي ث ابلنتائج اليت ت وصلت إليها بناء على تلك املناهج، ساعدته كثريا ف حتقيق هدفه من الكتاب. ل جهابذة القسيسني هذا ابإلضافة إىل ما أضافه املؤلف نفسه من إبداع علمية ونتائج حمققة مل تكن ختطر على اب

واملنصرين أنفسهم. ومن هنا فبدل من أن يقف املؤلف موقف الدفاع، كعادة معظم علماء املسلمني ف الرد على النصارى، وقف موقف الجوم وألأ خصمه إىل موقف الدفاع بدل الجوم، ول خيفى ما ف خطة الجوم من

د من هذا أن خطة الدفاع وحدها ل تكفي كما ل تكفي خطة أتثري ف أفكار الصم وزلزلة ملعتقداته. ويستفا

Al-Hikmah 9(2) 2017 | 203

. وهذا عني ما فعله الشيخ رمحت هللا ف لح ابلطتني معا ف مواجهة الصمالجوم وحدها، بل لبد من التس هذا الكتاب. ومن املؤكد أن هذا الكتاب ل يستغن عنه أي ابحث ف هذا اجملال. جزا هللا مؤلفه خريا.

املراجع

. بريوت: دار الفكر.مقدمة ابن خلدونابن خلدون، عبد الرمحن.د.ت.

: دار الداية.سويسرا. ميزان احلقد.ت. .ابفندر .ابريس: منشورات أمسار .أدلة اليقني يف الرد على مطاعن املبشرين .2007. عبد الرمحن ،الزيري .ة: اليئة املصرية العامة للكتابالقاهر . تفسري القرآن احلكيم )تفسري املنار( .1990. رشيد ،رضا

، ليزيكوقائع املناظرة اليت جرت بني الشيخ رمحة هللا والقسيس فندر اإلن، .1996. السيد ،عبد هللا الندي .بريوت: دار البشائر اإلسالمية .ترمجه إىل اللغة العربية رفاعي الويل الكاتب

القاهرة: دار .مد أمحد حممد عبد القادر خليل ملكاويحتقيق حم ،إظهار احلق .1992. رمحت هللا الكريانوي، .الديث

، ترمجه م1891-م1818أكرب جماهد يف التاريخ: الشيخ رمحت هللا .1977. حممد سليم بن ،حممد سعيد .القاهرة: مكتبة الكليات الزهرية. إىل اللغة العربية: أمحد حجازي السقا

القاهرة: (.124-1) إظهار احلق"مقدمة احملقق" لكتاب .1992. أمحد حممد عبد القادر خليل ،ملكاوي .دار الديث

2011-12-17،" حجة اإلسالم اإلجنليزية "أمحد ديدات .2011. أمحد فال ،ولد الدينhttp://www.aljazeera.net/home/print/f6451603-4dff-4ca1-9c10-

122741d17432/1114edf9-3959-40f4-89e9-972c0a7aa1be

Bennett, Clinton. 1996. “The Legacy of Karl Gottlieb Pfander,”

International Bulletin of Missionary Research, 20:2, 76-81. Horne, T. H. 1825. An Introduction to the Critical Study and Knowledge of

the Holy Scriptures. New York: E. Littell. Muir, William. 1897. The Mohammedan Controversy, Biographies of

Mohammed, Sprenger on Tradition, the Indian Liturgy and the

Psalte. Edinburgh: T. & T. Clark.

Nagina BI. 2011. “The impact of British Christian missionaries on Indian

religious, social and cultural life between 1800 and 1857 with

particular reference to the role of missionaries in the events leading

up to the 1857 Mutiny.” M.A. Thesis, University of Bradford.

رمحت هللا الندي الكريانوي وكتابه إظهار الق: النقد اإلسالمي للعهد القدمي والديد | 204

Powell, A. A. 1976. “Maulānā Raḥmat Allāh Kairānawī and Muslim-

Christian Controversy in India in the Mid-19th Century,” The

Journal of the Royal Asiatic Society, 1, 42-63.

Powell, A. A. 1993. Muslims and Missionaries in Pre-Mutiny India.

Richmond, Surrey: Curzon Press.

Strauss, D. F. 1846. The Life of Jesus, Critically Examined. 4 vols.

Birmingham [A translation from the German, Das Leben Jesu,

published in 1836]. London: Chapman, brothers.

Vander Werff, Lyle L. 1977. Christian Mission to Muslims: The Record:

Anglican and Reformed Approaches in India and the Near East,

1800-1938. California: William Carey Library.

Khairuddin, W. H., Ismail, I., & Awang, J. 2013. “Critical Thinking of

Rahmatullah al-Kairanawi in Religionswissenschaft,”

ISLĀMIYYĀT, 35:1, 57-63.

الدكتور عبد الكبري حسني صاحلالستاذ قسم الدراسات اإلسالمية واملسيحية ومقارنة الدين

واإلدارية والجتماعية انيةالعلوم اإلنس معهد ولية كوارا، نيجرييجامعة

Prof. Dr. Abdul Kabir Hussain Solihu

Department of Islamic, Christian, and Comparative Religious Studies,

College of Humanities, Management and Social Sciences,

Kwara State University, Malete,

P.M.B 1530, Ilorin,

Kwara State, Nigeria.

Email: abdulkabir.solihu@kwasu.edu.ng